حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(25)ألى ألأية(29)
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(25)ألى ألأية(29)
بسم الله نبدأ......
"وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "
ولما ذكر جزاء الكافرين, ذكر جزاء المؤمنين, أهل الأعمال الصالحات, كما هي طريقته تعالى في كتابه, يجمع بين الترغيب والترهيب, ليكون العبد راغبا راهبا, خائفا راجيا فقال: " وَبَشِّرِ " أي: أيها الرسول, ومن قام مقامك. " الَّذِينَ آمَنُوا " بقلوبهم " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " بجوارحهم, فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة. ووصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية والأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته. فبشرهم " أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ " أي: بساتين جامعة للأشجار العجيبة, والثمار الأنيقة, والظل المديد, والأغصان والأفنان, وبذلك صارت جنة, يجتن. بها داخلها, وينعم فيها ساكنها. " تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ " أي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر يفجرونها كيف شاءوا, ويصرفونها أين أرادوا, وتسقى منها تلك الأشجار فتنبت أصناف الثمار. " كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ " أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, كلها متشابهة في الحسن واللذة. ليس فيها ثمرة خاسة, وليس لهم وقت خال من اللذة, فهم دائما متلذذون بأكلها. وقوله " وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا " قيل: متشابها في الاسم, مختلفا في الطعم. وقيل: متشابها في اللون, مختلفا في الاسم. وقيل: يشبه بعضه بعضا, في الحسن, واللذة, والفكاهة, ولعل هذا أحسن. ثم لما ذكر مسكنهم, وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم, ذكر أزواجهم, فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه, وأوضحه فقال. " وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ " فلم يقل "مطهرة من العيب الفلاني" ليشمل جميع أنواع التطهير. فهن مطهرات الأخلاق, مطهرات الخلق, مطهرات اللسان, مطهرات الأبصار. فأخلاقهن, أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن, وحسن التبعل, والأدب القولي والفعلي, ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني, والبول والغائط, والمخاط والبصاق, والرائحة الكريهة. ومطهرات الخلق أيضا, بكمال الجمال, فليس فيهن عيب, ولا دمامة خلق, بل هن خيرات حسان, مطهرات اللسان والطرف. قاصرات طرفهن على أزواجهن, وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح. ففي هذه الآية الكريمة, ذكر المبشر والمبشر, والمبشر به, والسبب الموصل لهذه البشارة. فالمبشر, هو الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من أمته. والمبشر, هم المؤمنون العاملون الصالحات. والمبشر به, هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات. والسبب الموصل لذلك, هو الإيمان والعمل الصالح. فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة, إلا بهما. وهذا أعظم بشارة حاصلة, على يد أفضل الخلق, بأفضل الأسباب. وفيه استحباب بشارة المؤمنين, وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها وثمراتها, فإنها بذلك, تخف وتسهل. وأعظم بشرى حاصلة للإنسان, توفيقه للإيمان والعمل الصالح. فذلك أول البشارة وأصلها. ومن بعده, البشرى عند الموت. ومن بعده, الوصول إلى هذا النعيم المقيم. نسأل الله من فضله.
"إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ "
يقول تعالى " إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا " أي أي مثل كان " بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا " لاشتمال الأمثال على الحكمة, وإيضاح الحق, والله لا يستحي من الحق. وكأن في هذا, جوابا لمن أنكر ضرب الأمثال في الأشياء الحقيرة. واعترض على الله في ذلك. فليس في ذلك اعتراض. بل هو من تعليم الله لعباده ورحمته بهم. فيجب أن تتلقى بالقبول والشكر. ولهذا قال: " فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ " فيفهمونها. ويتفكرون فيها. فإن علموا ما اشتملت عليه على وجه التفصيل. ازداد بذلك علمهم وإيمانهم. وإلا علموا أنها حق. وما اشتملت عليه حق. وإن خفي عليهم وجه الحق فيها. لعلمهم بأن الله لم يضربها عبثا. بل لحكمة بالغة. ونعمة سابغة. " وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا " فيعترضون ويتحيرون. فيزدادون كفرا إلى كفرهم. كما ازداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم. ولهذا قال: " يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ". فهذه حال المؤمنين والكافرين. عند نزوله الآيات القرآنية. قال تعالى " وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ". فلا أعظم نعمة على العباد. من نزول الآيات القرآنية. ومع هذا. تكون لقوم محنة. وحيرة. وضلالة. وزيادة شر إلى شرهم. ولقوم منحة; ورحمة; وزيادة خير إلى خيرهم. فسبحان من فاوت بين عباده; وانفرد بالهداية والإضلال. ثم ذكر حكمته وعدله في إضلاله من يضل فقال: " وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ " أي: الخارجين عن طاعة الله; المعاندين لرسل الله; الذين صار الفسق وصفهم; فلا يبغون به بدلا. فاقتضت حكمته تعالى; إضلالهم; لعدم صلاحيتهم للهدى. كما اقتضى فضله وحكمته; هداية من اتصف بالإيمان; وتحلى بالأعمال الصالحة. والفسق نوعان: نوع مخرج من الدين; وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان; كالمذكور في هذه الآية ونحوها. ونوع غير مخرج من الإيمان كما في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا " الآية.
"الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ "
ثم وصف الفاسقين فقال " الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ". وهذا يعم العهد الذي بينهم وبين ربهم; والذي بينهم وبين الخلق; الذي أكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والإلزامات. فلا يبالون بتلك المواثيق; بل ينقضونها; ويتركون أوامره ويرتكبون نواهيه; وينقضون العهود التي بينهم وبين الخلق. " وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ " وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة. فإن الله أمرنا; أن نصل ما بيننا وبينه بالإيمان به; والقيام بعبوديته. وما بيننا وبين رسوله; بالإيمان به; ومحبته; وتعزيره; والقيام بحقوقه. وما بيننا وبين الوالدين والأقارب; والأصحاب; وسائر الخلق بالقيام بحقوقهم التي أمر الله أن نصلها. فأما المؤمنون; فوصلوا ما أمر الله به أن يوصل من هذه الحقوق; وقاموا بها أتم القيام. وأما الفاسقون; فقطعوها; ونبذوها وراء ظهورهم; معتاضين عنها بالفسق والقطيعة; والعمل بالمعاصي; وهو: الإفساد في الأرض. " فَأُولَئِكَ " أي: من هذه صفته " هُمُ الْخَاسِرُونَ " في الدنيا والآخرة. فحصر الخسارة فيهم; لأن خسرانهم عام في كل أحوالهم; ليس لهم نوع من الربح; لأن كل عمل صالح; شرطه الإيمان; فمن لا إيمان له; لا عمل له; وهذا الخسار; هو خسار الكفر. وأما الخسار الذي قد يكون كفرا; وقد يكون معصية; وقد يكون تفريطا في ترك مستحب المذكور في قوله تعالى " إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ " فهذا عام لكل مخلوق; إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح; والتواصي بالحق; والتواصي بالصبر; وحقيقة فوات الخير; الذي كان العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه.
"كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "
ثم قال تعالى " كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ". هذا استفهام التعجب والتوبيخ والإنكار. أي: كيف يحصل منكم الكفر بالله; الذي خلقكم من العدم; وأنعم عليكم بأصناف النعم; ثم يميتكم عند استكمال آجالكم; ويجازيكم في القبور; ثم يحييكم بعد البعث والنشور; ثم إليه ترجعون; فيجازيكم الجزاء الأوفى. فإذا كنتم في تصرفه; وتدبيره; وبره; وتحت أوامره الدينية; وبعد ذلك تحت دينه الجزائي; أفيليق بكم أن تكفروا به; وهل هذا إلا جهل عظيم وسفه كبير.؟ بل الذي يليق بكم; أن تتقوه; وتشكروه; وتؤمنوا به; وتخافوا عذابه; وترجوا ثوابه.
"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "
" هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا " أي: خلق لكم, برا بكم ورحمة, جميع ما على الأرض, للانتفاع والاستمتاع, والاعتبار. وفي هذه الآية الكريمة, دليل على أن الأصل في الأشياء, الإباحة والطهارة, لأنها سيقت في معرض الامتنان. يخرج بذلك, الخبائث, فإن تحريمها أيضا, يؤخذ من فحوى الآية, وبيان المقصود منها, وأنه خلقها لنفعنا, فما فيه ضرر, فهو خارج من ذلك. ومن تمام نعمته, منعنا من الخبائث, تنزيها لنا. وقوله: " ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ". معاني كلمة "استوى" " اسْتَوَى " ترد في القرآن على ثلاثة معاني: فتارة لا تعدي بالحرف. فيكون معناها, الكمال والتمام, كما في قوله عن موسى " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ". وتارة تكون بمعنى "علا" و "ارتفع", وذلك إذا عديت بـ "على" كقوله تعالى: " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ", " لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ". وتارة تكون بمعنى " قصد " كما إذا عديت بـ "إلى" كما في هذه الآية. أي: لما خلق تعالى الأرض, قصد إلى خلق السماوات, فسواهن سبع سماوات, فخلقها وأحكمها, وأتقنها, وهو بكل شيء عليم. فيعلم ما يلج في الأرض, وما يخرج منها, وما ينزل من السماء, وما يعرج فيها, و " يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ " يعلم السر وأخفى. وكثيرا ما يقرن بين خلقه, وإثبات علمه كما في هذه الآية, وكما في قوله تعالى: " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " لأن خلقه للمخلوقات, أدل دليل على علمه, وحكمته, وقدرته.
رد: حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(25)ألى ألأية(29)
شكرا جزيلا
جزاك الله خيرا
موضوع راااااااائع
جزاك الله خيرا
موضوع راااااااائع
هالة حمدى- عضو مميز
- عدد الرسائل : 167
العمر : 37
مزاجي :
دولتي :
انا :
نقاط تميزي : 10
تبادل اعلاني :
تاريخ التسجيل : 20/04/2008
رد: حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(25)ألى ألأية(29)
شكرا جزيلا
جزاك الله خيرا
موضوع راااااااائع
[b][center]
ابو عمار المصرى- عضو جديد
- عدد الرسائل : 49
العمر : 54
البلد : مصر
مزاجي :
دولتي :
انا :
نقاط تميزي : 10
فريقي المفضل :
دعاء :
تبادل اعلاني :
تاريخ التسجيل : 22/10/2011
مواضيع مماثلة
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(30)ألى ألأية(37)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(49)ألى ألأية(57)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(58)ألى ألأية(61)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(62)ألى ألأية(69)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(38)ألى ألأي(48)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(49)ألى ألأية(57)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(58)ألى ألأية(61)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(62)ألى ألأية(69)
» حلقات التفسير لكلام العلي الكبير: سورة البقره من ألأية(38)ألى ألأي(48)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى